“الكشف مجانا”.. عيادة “طبيب الغلابة” تفتح أبوابها بعد وفاته
من جديد عادت الحركة في عيادة الدكتور محمد مشالي، المعروف بـ”طبيب الغلابة”، في مدينة طنطا بالغربية، بعد شهور من الإغلاق، حيث تدفق نحوها عشرات المرضى البسطاء بوجوه تملؤها السعادة، ليستقبلهم الدكتور حسني قطب، استشاري الجراحة العامة والكبد، الذي ينوي استكمال مسيرة الطبيب الراحل.
وكان مشالي قد توفي في أواخر يوليو الماضي، بعد مسيرة طويلة قضاها في خدمة مرضاه من الفقراء، رفض خلالها زيادة قيمة الكشف بعيادته على مدار عقود عديدة، ليتقاضى أجرا لا يتعدى الـ 15جنيه، ليتحول إلى أيقونة فيعالم الطب.
وفي داخل مكتبه، يباشر قطب عمله أثناء حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” قائلا: “أرغب في السير على درب الدكتور (مشالي) لذلك وقع الاختيار على عيادته، لم ألتقِ به من قَبل لكنه علامة لا تُنسى في طنطا، ورغبت في تحقيق حلمي بخدمة البسطاء عند وصولي لسن المعاش.
وأوضح الرجل الستيني إلى موقع سكاي نيوز عربية متابعته لحال العيادة، بعد وفاة مشالي وتردد المرضى على المكان وحزنهم على إغلاقه، دفعه الأمر إلى التواصل مع صاحب العقار لاستئجارها والحفاظ على ما بدأه “طبيب الغلابة”.
ويتابع استشاري الجراحة العامة والكبد لموقع سكاي نيوز عربية: “عند فتح العيادة كان السؤال الأول للمرضى عن قيمة الكشف، أبلغناهم على الفور بحفاظنا على الأجر القديم للدكتور مشالي ومن لا يملك الأموال يمكنه الحصول على الخدمة الطبية مجانا”.
وكشف قطب لموقع سكاي نيوز عربية على خطته لمساعدة مرضاه من أصحاب الحالات الحرجة على إجراء عمليات جراحية بدون مقابل، وتوفير كافة الاحتياجات في سبيل شفائهم من الأمراض التي يعانون منها مؤكدا أن “سعادته الحقيقة تكمن في العطاء”.
ولـقطب باع في المجال الطبي، حيث بدأ مسيرته في معهد الأورام بطنطا حيث ينتمي إلى محافظة الغربية، تنقل بعدها بين مؤسسات طبية مختلفة بمحافظات مصر، ومنها إلى مستشفيات كبرى في دول عربية عديدة قبل أن يستقر في مصر خلال السنوات الأخيرة ويصل إلى سن المعاش العام الماضي
.
وأجرى استشاري الجراحة العامة والكبد بعض التغييرات داخل العيادة الشهيرة من طلاء الجدران وتجهيز بعض الغرف وإضافة أجهزة طبية لاستخدامها في تشخيص الحالة الصحية للمرضى بصورة دقيقة مثل “السونار” وأسطوانة أوكسجين للحالات الحرجة.
ولم يكن قطب ينوي إتاحة الزيارات العلاجية للعيادة الأيام الحالية، لكن توافد المرضى خلال أعمال التجهيزات للاستفسار عن موعد تشغيلها وحديثهم عن حاجتهم الماسة لتلقى العلاج، جعله يسارع بالخطوة وفتح أبوابها أمامهم رغم عدم الانتهاء من تطوير المكان.
وحرص قطب على الاتصال بالمجموعة التي عملت لسنوات طويلة مع الدكتور مشالي في عيادته حتى يعودوا لاستكمال دورهم، عن ذلك يقول: “هم جزء أصيل من العيادة، لديهم علاقة وطيدة مع المكان والمرضى، لا يمكن الاستغناء عنهم
بعد وفاة مشالي رفض مساعده هاشم محمد القماش، المرور على العيادة في غياب صاحبها، والعروض التي تلقاها من أطباء للعمل رفقتهم في المكان أو خارجه، وفقا لحديثه لـموقع سكاي نيوز عربية كان الحزن يطغى على قلبه والصدمة لم تفارقه منذ يوليو الماضي.
يتابع القماش الذي عمل مع “طبيب الغلابة” منذ عام 1996: “كانت فترة صعبة للغاية، افتقدنا الدكتور (مشالي) لم يكن من السهل الرجوع إلى العيادة في غيابه، لكن عندما تحدثت إلى الدكتور (حسني) شعرت أنه يشبه الطبيب الراحل، لا يبغى سوى الخير ومساعدة الناس”.
وخلال الشهور الماضية لم ينقطع رنين هاتف القماش كما يؤكد لموقع سكاي نيوز عربية عشرات الاتصالات من المرضى للاستفسار عن مصير العيادة، خاصة مع تداول أخبار عديدة عن عودة فتحها على يد أطباء من عائلة مشالي أو آخرين، يطلب منهم الانتظار لحين الوصول إلى معلومة مؤكدة بينما يشعر بالأسى في صوتهم.
ويستطرد الرجل الذي تربى داخل العيادة حيث عمل والديه مع “طبيب الغلابة” منذ افتتاحها: “أعداد كبيرة توافدت على العيادة عقب الساعات الأولى من افتتاحها، علت أصوات المرضى بالترحم على الدكتور (مشالي) وخدماتها الجليلة بجانب الدعاء للقائمين على استمرار التجربة”.
بترحيب شديد استقبل وليد مشالي ابن “طبيب الغلابة” أخبار فتح عيادة والده أمام مرضاه، يقول لموقع سكاي نيوز عربية عن تلك الخطوة: “أتمنى التوفيق للدكتور الجديد، يحمل الآن تركة كبيرة في عمل الخير تركها والدي بعد وفاته، ونأمل في الاستمرار على نهجه”.
وينوه الابن الأكبر لـمشالي لموقع سكاي نيوز عربية إلى محاولات الأسرة لاستمرار عمل العيادة بعد رحيل الأب لكن الظروف لم تسمح لهم بالنجاح، وانتهت علاقتهم بالمكان وجرى تسليمها إلى صاحب العقار والحصول على متعلقات مشالي للاحتفاظ بها في بيت العائلة.
قبل أن يُغلق قطب العيادة بعد مغادرة المرضى في نهاية يوم شاق، يُشير إلى موقع سكاي نيوز عربية امتنانه للحصول على تلك الفُرصة قائلا: “كلنا راحلون لن يبقى سوى ما تركناه من أعمال في مساعدة المحتاجين، وسأكرس ما تبقى في حياتي لهذا الهدف”.