كتب – فتاح المحرمي.
من وجهة نظري إن أمريكا لم تفشل أو تكن فاشلة في سياستها الخارجية المعنية بالتدخلات الخارجية، واخص هنأ تحديداً تدخلها في العراق وافغانستان وسوريا .. نعم ليست فاشلة بل هي تريد هذا الفشل وبقاء الدول في دائرة التخلف والاضطرابات وعدم الاستقرار، فهي لم تتدخل في العراق من أجل بناء بلد مستقر خالي من أسلحة الدمار الشامل – ذريعة تدخلها – ولكن لتدمير مقدراته والإبقاء على الاضطرابات فيه، وهنا ألتقت فيه مصالحها مع إيران لإسقاط العراق.
ويمكننا القول أن التدخل الأمريكي في أي بلد يأتي ضمن استراتيجية الأمن القومي التي اعتمدتها في العام 2005م، وطورتها فيما بعد، في مواجهة أي خطر أو تهديد تشكله أي بلد أو جماعة على أمنها القومي ومصالحها حول العالم وأولها “أمن الطاقة” وذلك من أجل الحفاظ على نموها الاقتصادي الذي يمكنها من البقاء كقطب وأحد مهيمن عالمياً، وفي اتجاه آخر المضي نحو امتلاكها الدرع الصاروخي.
ويلاحظ أن أمريكا غالباً ما تتقمص دور الضحية وتظهر وكأنها كيان ضعيف وفاشل أمنيا وعسكرياً، كما حدث في هجمات 11 سبتمبر 2001م، والذي يرجح أنها عملت على توظيفها لتبني عليه وفق استراتيجياتها حضور وتوسع دولي وكسب نفوذ تحت مظلة الحرب على الإرهاب.
بالمناسبة الأمريكان يمضون على نفس النهج في السياسة الخارجية منذ عقود، إضافة إلى أنهم يتخذوا الذرائع ويطوعوا اي تدخل لهم عبر الأمم المتحدة التي ينفذوا فيها ، او عبر اتفاقيات محاربة الإرهاب ومكافحة أسلحة الدمار الشامل، وذلك لتشريع تدخلهم وجعله لا يتعارض مع القوانين الدولية.
من وجهة نظري وبعيداً عن نظريات المؤامرة والعواطف والامنيات والقناعة، تعتبر تدخلات أمريكا نجاح بالنسبة لها لكونها تعمل وفق استراتيجية طويلة المدى تحفظ مصالحها وبقاء هيمنتها بغض النظر عن مصالح الآخرين بما فيهم الحلفاء لها.. والسؤال الذي يطرح نفسه هل ستمضي أمريكا في نفس السياسة بعد تدخلها في البحر الأحمر وباب المندب لحماية الملاحة الدولية من هجمات الحوثيين (أداة إيران ومن خلفها)، لتكسب هي في الأخير نفوذ وهيمنة وتورث الفشل في المنطقة والأضرار بمصالحها؟.
#فتاح_المحرمي
17 يونيو 2024م.