ساحة حرة

“مليشيات الحوثي… الضحية القادمة للتفاهمات الكبرى؟”

بقلم/ ياسر غيلان

 

 

تشير التحولات المتسارعة في الإقليم إلى أن مليشيات الحوثي تقف على مفترق طرق خطير، بعد أن بدت إيران مستعدة لإعادة ترتيب أوراقها بما يتوافق مع مصالحها المباشرة في ظل تقارب مع السعودية وتفاهمات متقدمة مع الولايات المتحدة. زيارة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى طهران ولقائه النادر بالمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، إلى جانب اللقاء الأميركي-الإيراني الأخير في مسقط، تطرح تساؤلات مشروعة حول مصير الحوثيين: هل تم تجاوزهم في التفاهمات؟ وهل باتوا ورقة محروقة؟

 

رسائل اللقاءات: الأمن أولاً

 

اللقاء بين وزير الدفاع السعودي وقيادة النظام الإيراني لم يكن بروتوكوليًا، بل جاء في إطار محادثات أمنية معقّدة، تضع على الطاولة كل الملفات الساخنة، وفي مقدمتها الملف اليمني وتهديدات الحوثيين للمملكة. فحجم اللقاء وندرته يعكسان جدية التحرك السعودي نحو صيغة إقليمية جديدة، حيث لم تعد الرياض ترى في استمرار المواجهة مع ذراع إيران في اليمن مصلحة، لكنها تشترط بالمقابل تحييد هذا الذراع بشكل فعّال.

 

لقاء مسقط… صفقات خلف الكواليس

 

في موازاة ذلك، استضافت سلطنة عمان لقاءً جمع مسؤولين أميركيين وإيرانيين، انتهى بتحديد موعد جديد لجولة تفاهمات أخرى الأسبوع القادم في ظاهر اللقاء الملف النووي ولكن في باطنة نقاشات أخرى.

هذه اللقاءات تزامنت مع خطوة لافتة تمثلت في سحب إيران لبوارجها الحربية من البحر الأحمر، في رسالة تهدئة واضحة. والملاحظ أن هذا الانسحاب لم يتبعه أي تصعيد حوثي، ما يشير إلى بدء مرحلة “كبح جماح الذراع”، أو ما يمكن تسميته بمرحلة إعادة التموضع.

 

غياب الغطاء… خطر الانكشاف

 

لأول مرة منذ سنوات، تتصرف إيران بهدوء محسوب في الملف اليمني، وقد خفّضت دعمها العلني للجماعة، وسط إشارات على خفض الدعم غير العلني كذلك. فمع الانشغال الإيراني بالملف النووي وتداعيات العقوبات والاحتجاجات الداخلية، أصبحت مليشيا الحوثي عبئًا على طهران لا ورقة ضغط فاعلة.

 

انقلاب في المشهد… هل اقترب السقوط؟

 

اليوم، تقف المليشيا أمام مرحلة مفصلية. فدون الدعم الإيراني الكامل، ومع تآكل شعبيتها داخليًا، وتضييق الخناق عليها سياسيًا وإعلاميًا، تدخل في عزلة متنامية قد تفضي إلى تصدع داخلي أو إلى إعادة تموضع قسري في معادلة سياسية إقليمية جديدة. الأهم أن الطرفين الراعيين الأساسيين للحوثي – إيران وقطر – أصبحا منخرطين في تفاهمات مع السعودية، ما يزيد من هشاشة الغطاء السياسي للمليشيا.

 

خلاصة المشهد

 

في عالم التفاهمات الكبرى، لا مكان دائم للأدوات المؤقتة. ويبدو أن مليشيات الحوثي، وبعد أن استُخدمت كأداة تفاوض لأعوام، دخلت مرحلة “ما بعد الدور الوظيفي”، وهو ما يهدد وجودها ذاته. فهل نشهد في المرحلة القادمة نهاية المشروع الحوثي على يد رعاته لا خصومه؟ الأيام القادمة ستُجيب.

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار