إيران 2024… تصاعد القمع والإعدامات في ظل إفلات كامل من العقاب

أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرها السنوي حول حالة حقوق الإنسان في إيران لعام 2024، كاشفة عن تصاعد غير مسبوق في انتهاكات الحقوق الأساسية للمواطنين. التقرير سلّط الضوء على موجة جديدة من الإعدامات الجماعية، حيث تجاوز عدد من تم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم 970 شخصاً خلال عام واحد، ما جعل إيران تتصدر قائمة الدول المنفذة لهذه العقوبة على مستوى العالم. لم تقتصر الإعدامات على الجرائم الجنائية، بل شملت معتقلين سياسيين ومعارضين، وحتى قاصرين ونساء، في انتهاك صارخ للاتفاقيات الدولية.
التقرير أشار إلى أن السلطات الإيرانية لم تكتفِ باستخدام الإعدام كأداة قمع سياسي، بل واصلت سياسة الاعتقال التعسفي والمحاكمات الجائرة، حيث يُحرم المعتقلون من حقهم في الدفاع، وتُنتزع الاعترافات منهم تحت التعذيب وسوء المعاملة في السجون. كما وثّق التقرير انتشار التعذيب الجسدي والنفسي بشكل ممنهج، مع إفلات الجناة من العقاب، ما يعكس غياب أي إرادة رسمية للإصلاح أو احترام القانون.
قمع الحريات لم يقتصر على النشطاء السياسيين، بل طال شرائح واسعة من المجتمع، من العمال والمعلمين والممرضين إلى المواطنين العاديين الذين مارسوا حقهم في التظاهر السلمي أو انتقاد السلطات عبر الإنترنت. النظام الإيراني كثف حملاته على الفضاء الإلكتروني، عبر مشروع “صيانة الفضاء الافتراضي”، الذي يهدف إلى فرض عزلة رقمية وحجب المعلومات عن المجتمع.
التقرير تطرق أيضاً إلى استمرار التمييز القانوني والاجتماعي ضد النساء، من خلال قوانين الحجاب الإجباري، والقيود على السفر والتعليم والعمل، مع تصاعد حملات الاعتقال والجلد بحق الناشطات والمخالفات لتلك القوانين. كما أشار إلى استمرار السياسات القمعية ضد الأقليات الدينية مثل البهائيين والمسيحيين السنّة والدروايش، والتمييز بحق القوميات مثل الأكراد والعرب والبلوش، الذين يتعرضون للاعتقال والمحاكمات الجائرة والإعدام.
من أخطر ما ورد في التقرير، هو استمرار الإفلات من العقاب في جرائم كبرى مثل مجزرة عام 1988، حيث لا يزال المسؤولون عنها يشغلون مناصب عليا ويتمتعون بحصانة كاملة، بينما تظل آلاف العائلات تبحث عن العدالة لأحبائها. التقرير وصف هذه الجريمة بأنها من أبشع الجرائم ضد الإنسانية، داعياً إلى تحقيق دولي مستقل ومحاكمة المتورطين.
في الختام، خلصت العفو الدولية إلى أن السلطات الإيرانية فشلت في تلبية أدنى التزاماتها بموجب القانون الدولي، واستمرت في ارتكاب انتهاكات منهجية وواسعة النطاق دون مساءلة. المنظمة طالبت بتحرك دولي عاجل لكسر دائرة الإفلات من العقاب، ودعم ضحايا القمع المستمر في إيران، معتبرة أن الصمت الدولي يغذي استمرار هذه الانتهاكات.