اخبار عربية ودولية

يوم العمال في إيران 2025: بين انهيار الأجور وغلاء المعيشة… صرخة الطبقة العاملة تتصاعد

 

يحل اليوم العالمي للعمال في إيران هذا العام في أجواء من الإحباط والغضب، حيث تحولت المناسبة التي يفترض أن تكون احتفالاً بإنجازات الطبقة العاملة إلى مرآة تعكس عمق المآسي الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها ملايين العمال والمتقاعدين. ففي عام 2025، برزت الفجوة المروعة بين الأجور وتكاليف المعيشة كأخطر التحديات التي تهدد استقرار الأسر العمالية، وسط تضخم غير مسبوق وانهيار القدرة الشرائية.

رغم إعلان النظام عن زيادات في الأجور لهذا العام، إلا أن الواقع الاقتصادي يروي قصة مختلفة تماماً. التضخم المتسارع وارتفاع أسعار السلع الأساسية التهما أي زيادة شكلية، حتى باتت أجور العمال لا تكفي سوى لتغطية أسبوعين فقط من نفقات الشهر. تقارير الصحافة المحلية تؤكد أن الفرق بين متوسط الأجور وسلة المعيشة الأساسية يتراوح بين 10 و15 مليون تومان، ما دفع كثيرين إلى البحث عن وظائف إضافية أو الاقتراض أو حتى الهجرة بحثاً عن حياة أفضل.

أزمة السكن تصدرت قائمة المعاناة، حيث تجاوزت كلفة استئجار شقة صغيرة في مدن مثل طهران أو مشهد دخل معظم الأسر العاملة. كثير من العمال يضطرون للسكن في ضواحي بعيدة أو مشاركة السكن مع عائلات أخرى، ما يزيد من أعباء التنقل ويؤثر سلباً على جودة الحياة. في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار الغذاء والعلاج بشكل غير مسبوق، حتى باتت بعض الأسر عاجزة عن تأمين وجبة غذائية متوازنة أو دفع تكاليف الرعاية الصحية.

الخلل في هيكل الشراكة الثلاثية للمجلس الأعلى للعمل أضعف قوة العمال التفاوضية. الحكومة، بصفتها أكبر رب عمل، تميل إلى التحالف مع أرباب العمل في القطاع الخاص، ما أدى إلى صدور قرارات تصب في مصلحة أصحاب العمل وتهمش مطالب العمال. هذا التواطؤ الرسمي انعكس أيضاً على منظومة الضمان الاجتماعي، حيث تراكمت ديون الحكومة لصالح هيئة الضمان بمليارات الدولارات، ما أدى إلى تراجع جودة الخدمات وصعوبة تحسين أوضاع المتقاعدين والمستفيدين.

في ظل هذا الواقع، تحولت المناسبة إلى منصة للاحتجاج والمطالبة بالحقوق. خرجت مسيرات في طهران ومدن أخرى رافعة شعارات مثل “نريد أجراً يكفي للعيش”، و”العدالة الاجتماعية حقنا”، فيما تصاعدت المطالب بإصلاح نظام الأجور، وتوفير سكن مناسب، وضمان حد أدنى من الرعاية الصحية والاجتماعية. كما طالب العمال بإعادة “بنك الرفاه” إلى هيئة الضمان الاجتماعي وتسديد الديون الحكومية المتراكمة.

القوانين الدولية تلزم الحكومات باحترام حقوق العمال، لكن النظام الإيراني يواصل سنّ التشريعات القمعية التي تصادر هذه الحقوق. ورغم ادعاءاته بالدفاع عن المستضعفين، أصبح أكبر مستغِلٍّ لهم، حيث تزداد الفجوة بين الخطاب الرسمي والواقع المعيشي يوماً بعد يوم.

اليوم العالمي للعمال في إيران لم يعد مناسبة للاحتفال، بل يوم احتجاج وصرخة جماعية ضد الظلم الاجتماعي والاقتصادي. ومع تصاعد الوعي وتوسع رقعة الاحتجاجات، يزداد الأمل بأن يتحول هذا اليوم إلى نقطة انطلاق نحو إصلاحات حقيقية تضمن العدالة والكرامة للطبقة العاملة.

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار