كيف دمرت الغارات الإسرائيلية منشآت اليمنيين بشكل ممنهج؟

يواصل العدو الإسرائيلي استهداف البنية التحتية في اليمن بشكل ممنهج، والأربعاء استهدف مطار صنعاء الدولي ودمر آخر طائرة مدنية التي تسير رحلات محدودة، وهذه الجريمة الممنهجة على الأعيان المدنية تستهدف اليمنيين ومقدراتهم بشكل أساسي.
منذ يوليو الماضي، تعرضت موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، لهجمات متكررة، ضمن الضربات الأمريكية والإسرائيلية التي تقول إنها تهدف إلى ردع الحوثيين الذين يشنون هجمات في البحر الأحمر وعلى مطار بن غوريون.
وخلافاً للضربات الأمريكية والبريطانية التي شنت منذ مطلع العام الجاري، كان تركيز غارات العدو الإسرائيلي على منشآت مدنية بشكل مطلق، حيث استهدفت خلال ثمان عمليات جوية على الأقل منذ يوليو/ تموز 2024 الموانئ ومطار صنعاء ومحطات الكهرباء ومصانع الأسمنت في عمران والحديدة.
خسائر ودمار كبير خلفته الضربات الأمريكية والإسرائيلية، لم تضر الحوثيين أو تهدد قدراتهم العسكرية حيث ما زالت الجماعة تعلن ما بين الحين والآخر تنفيذ هجمات صاروخية، لكن الكارثة هي في مقدرات الشعب اليمني.
اليمنيون يدفعون الثمن
في الواقع تخوض ميلشيات الحوثي معركة غير متكافئة وتغامر مع العدو الإسرائيلي الذي يواصل حرب الإبادة في غزة، وبسبب عدمية الأهداف ينتقم العدو الإسرائيلي من اليمنيين، في حين لا يكترث الحوثيين من الخسائر التي تمس حياة الشعب اليمني ولم تتعرض لأي خسائر في قياداتها وسلاحها.
وقال الكاتب الصحفي عبد العزيز المجيدي “أن المليشيات الحوثية أقحمت اليمن في صراع غير متكافئ يخدم أهداف وأجندة إيران، ويحول اليمن إلى ساحة للتدخلات الخارجية للقوى الكبرى بعد عشرة أعوام من الانقلاب الذي تسبب بنشوب أكبر حرب مدمرة في تاريخ البلاد، وجلب الإيرانيين للبلاد واستدعى التدخلات الإقليمية”.
وأضاف “أنه ليس مهماً بالنسبة لمليشيا الحوثي أن تذهب كل مقدرات اليمنيين، فهي تفتدي إيران بتقديم اليمن كبش فداء، بينما تضع إيران رجلاً على رجل، آمنة ترقب الوضع من بعيد وتصدر الأوامر لعبدالملك الحوثي كما حصل في الاتفاق مع أمريكا، تلبية لرغبات ومصالح النظام الإيراني”.
من جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور هشام الصرمي “أن المواطن هو الأمر الذي لا تهتم به مليشيا الحوثي مطلقاً، بالتأكيد سيكون هناك انعكاسات سلبية على المواطن اليمني في مناطق سيطرة المليشيات”.
وأضاف أن الحكومة الشرعية قدمت الكثير من التنازلات بدوافع إنسانية، كفتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء والموافقة على وقف تحرير الحديدة، كل ذلك لتجنب القتل والدمار وارتفاع التكاليف المنعكسة بشكل تضخم سعري في السلع والخدمات”.
وأشار إلى “أن مليشيا الحوثي غامرت بكل ذلك وتسببت في دمار البنية التحتية وقتل الأبرياء وارتفاع تكاليف السلع والخدمات بكل تأكيد”.
آثار الضربات على الحوثيين
هناك الكثير من التقارير التي تتحدث عن أن الغارات الأمريكية تحديداً ألحقت أضراراً أصابت البنية التحتية العسكرية لمليشيا الحوثي، لكن من الواضح أن هذه الضربات لم تحدث ذلك الضرر البالغ الذي يقوض قدراتها على تنفيذ المناوشات والهجمات.
وقال الصحافي المجيدي “أن الضربات لم تستهدف الهيكل القيادي لمليشيا الحوثي، بل تركزت بصورة كبيرة على المنشآت المدنية والبنية التحتية، سواء على مستوى الموانئ أو المطارات أو محطات الكهرباء والكثير من المنشآت الحيوية التي تخص الشعب اليمني”.
وأوضح أنه “رغم أن العدوان الأمريكي والإسرائيلي يتذرع بالحوثيين، فإنه عمد بلا شك إلى استهداف البنية التحتية المدنية وتدمير ما تبقى من هذه البنية الهشة والضعيفة”. ولفت إلى “أن الضربات ساهمت في تمكين المليشيا من توظيف هذه الهجمات ومحاولة حشد الغضب الشعبي وتجييشه لخدمة أجندة المليشيا الحوثي”.
خسائر بالمليارات
وتعرضت البنية التحتية الهشة في اليمن لخسارة كبيرة لا سيما الموانئ في مدينة الحديدة والتي أصبحت قدراتها التشغيلية بدائية، بالإضافة إلى خسارات فادحة في أسطول طيران اليمنية الناقل الوطني الوحيد بالإضافة إلى مطار صنعاء ومحطات الكهرباء ومصانع الأسمنت.
وقال الخبير الاقتصادي الصرمي “إن موانئ الحديدة تلقت خسائر مباشرة تقدر بنحو مليار وثلاثمائة وخمسين مليون دولار، فيما محطات الكهرباء خسرت قرابة خمسمائة وخمسين مليون دولار، بالإضافة إلى خسائر مطار صنعاء وطائرات اليمنية الأربع التي تقدر بنحو خمسمائة مليون دولار”.
وأضاف إنه جرى تدمير مصنعي إسمنت بخسارة تقدر بقرابة خمسمائة وخمسين مليون دولار، وبذلك بلغت خسائر الإيرادات من ميناء الحديدة تقدر بنحو ١٦٦ مليون دولار كمتوسط، 50% من هذه المبالغ دعم مباشر من إيران كنفط مجاني”.
ولفت الصرمي “أن هناك خسائر من محطات الكهرباء المقصوفة، وخسائر من مصنعي إسمنت تصل إلى 190 مليون دولار سنوياً، وخسائر في مطار صنعاء متعددة الجوانب، أما الخسائر غير المباشرة ستكون أكثر”.
وكانت مؤسسة مواني البحر الأحمر، التابعة لجماعة الحوثي، قد قالت إن الضربات الجوية التي شنّها الطيران الأميركي والإسرائيلي على منشآت الموانئ الواقعة تحت سيطرتها، أسفرت عن خسائر مالية فادحة تجاوزت ملياراً و387 مليون دولار خلال عشرة أشهر.
وأشارت إلى “أن الهجمات تسببت في دمار واسع طاول الأرصفة المخصصة لتفريغ البضائع الأساسية، من بينها الأرصفة ستة أرصفة إلى جانب تدمير رافعتين رئيسيتين، ومحطات كهرباء ومولدات، ومرافق خدمية ومخازن لوجستية”.
وقدرت الخسائر المباشرة وحدها بأكثر من 531 مليون دولار، بينما بلغت الأضرار غير المباشرة نحو 856 مليون دولار، نتيجة توقف العمليات وتعطل تدفق الإمدادات الحيوية.
تدمير الطائرات اليمنية
وكرر العدو الإسرائيلي عدوانه على مطار صنعاء الدولي، الأربعاء 28 مايو/ آيار الجاري وشن أربع غارات، استهدفت مدرج المطار ودمر طائرة تابعة للخطوط الجوية، وتسبب بعرقلة تفويج 2000 حاج يمني.
وفقدت الخطوط الجوية اليمنية أكثر من نصف أسطولها، نحو 4 طائرات، حيث دمرت الغارات الإسرائيلية السابقة ثلاث طائرات، والتي كانت محتجزة من قبل ميلشيات الحوثي منذ يونيو 2024، كما تحتجز أرصدة الناقل الوطني الوحيد، واعتبرت الحكومة اليمنية أن الدمار الذي لحق بالطائرات كان يمكن تجاوزه.
من جانبه طالب البرلماني اليمني شوقي القاضي، بتحقيق وشفاف في خيانة وتواطؤ بقاء طائرات اليمنية الأربع في صنعاء تحت هيمنة مليشيا الحوثي. وتساءل “هل في الموضوع خيانة وتواطؤ؟ وهل هناك رغبة في تدمير اليمنية والتخلُّص منها؟ مع تجريمنا لمليشيا الحوثي وللكيان الصهيوني؟”.
وأضاف في تدوينة على منصة إكس، “قبل أن يرد البعض بأن الحوثي هو من احتجزهن، نقول للجميع: هذه الطائرات سافرت أكثر من مرة إلى الأردن بعد احتجازهن، فلماذا لم يعمل قادة الشرعية والتحالف على منعها من العودة إلى صنعاء؟”.
وكانت الحكومة اليمنية قالت “المليشيا الحوثية تجاهلت مراراً مطالبات شركة الخطوط الجوية اليمنية، بنقل الطائرات المتبقية إلى مطار عدن أو أي مطار خارجي، حفاظاً عليها من الدمار، رغم استهداف ثلاث طائرات في وقت سابق”.